تزخر المحاصيل الطبيعية النباتية والحيوانية كافة، بأعداد كبيرة ومتفاوتة من العناصر المغذية، ونكاد لا نجد منتجاً طبيعياً لا يفيد صحتنا . والتعرف إلي خصائص هذه المنتجات يساعدنا علي اختيار الأكثر ملاءمة لحالتنا الصحية واحتياجتنا.. كذلك فإن التعرف إلي أفضل طرق تحضيرها ، يسمح لنا بالحفاظ علي أكبر قدر من عناصرها المغذية. فالمعروف أن طريقة الطبخ لا تقل أهمية عن اختيار أنواع الطعام التى نأكلها. فحتى أفضل المنتجات الصحية تتحول إلى أطعمة ضارة، إذا طبخناها بشكل سيئ. يكفى مثلا أن نقلى الخضار أو السمك بالزيت لنحولها إلى مأكولات عديمة الفائدة، بل ومؤذية جدا للصحة. وفى المقابل فإن اعتماد طريقة صحية فى تحضير الطعام قد يساعد على تعزيز فوائده. وتقول العالمة فى كلية فريدمان لعلوم التغذية، فى “جامعة تافتس” الأمريكية، البروفيسورة “إليزابيث جونسون”، إن بعض أكثر العناصر فائدة فى الخضار لا يتم تحريرها، وإطلاقها والاستفادة القصوى منها إلا عندما نطبخ هذا الخضار. مثال على ذلك، فإننا عندما نتناول السبانخ المحضر على البخار نحصل منه على نسبة من الـ”كاروتينويدز” تفوق تلك التى نحصل عليها عندما نأكل أوراقه نيئة. وللحصول على أكبر قدر من الفوائد نورد فيما يلى أفضل الطرق التى يوصى بها الخبراء لتحضير بعض أنواع الأطعمة :
1- البروكلى، الأفضل طبخه على البخار
البروكلى غنى جدا بالعناصر المغذية التى تكافح السرطان، مثل الـ “بياكاروتين”، الـ “لوتين”، والـ “فلافونولز”. وتشير دراسة حديثة نشرتها مجلة “الزراعة وكيمياء الطعام” الأمريكية، إلى أن مستويات العناصر المذكورة تكون أعلى فى البروكلى المحضر على البخار مقارنة بالبروكلى النيئ. كذلك فإن البروكلى المحضر على البخار يحتفظ بحوالى 70% من فيتامين (C) وبكامل مادة الـ “كامبفيرول” وهى واحدة من الـ “فلافونويدات” التى تسهم فى الحفاظ على صحة الخلايا. وللحصول على أكبر قدر من العناصر المغذية فى البروكلى، ينصح المتخصص الأمريكى فى التغذية “إيلى كريغر” بعدم غسل وتقطيع البروكلى إلا قبل دقائق من تحضيره على البخار، ذلك لأن الغسل والتقطيع يسرعان عملية فقدان البروكلى لعناصره المغذية.
2- الجزر، يسلق لفترة قصيرة
يعتبر الجزر مصدرا مهما لفيتامين (C) والـ “كاروتينويدز” وهى فئة من مضادات الأكسدة التى تضم الـ “بيتاكاروتين”. وهى تسهم فى تعزيز صحة العينين كما تخفف من خطر الإصابة بالنوبة القلبية وأيضا الإصابة ببعض أشكال السرطان، وقد تبين فى الدراسات المخبرية أن عملية السلق تزيد من تركيز الـ “كاروتينويدز” بنسبة 14 فى المئة، فالألياف الغذائية فى جدران الخلايا تحتجز الـ “كاروتينويدز” لكن الحرارة المرتفعة تطلقها وتزيد من تركيزها. ويعلق البروفيسور “فيليب سايمون” وهو عالم فى أحد المراكز الأمريكية المتخصصة فى الأبحاث العلمية الخاصة بالخضار، فيقول : إن السلق يسهل على الجهاز الهضمى عملية امتصاص الـ “كاروتينويدز” الموجودة فى الجزر وتبين فى الدراسات أيضا أن السلق يزيد من القدرة الشاملة لمضادات الأكسدة المتوافرة فى الجزر (قدرتها على مهاجمة الجزيئات الحرة الضارة)، ولا تخفض إلا قليلا من مستويات فيتامين (C). ومن المفيد إضافة قطرة من الزيت إلى الجزر السلوق، فالدهون تساعد الجسم على امتصاص كمية أكبر من الـ “بيتاكاروتين”.
3- الثوم، يوضع فى الفرن لمدة أقصاها 3 دقائق
يحتوى الثوم على الـ “أليناز” وهو أنزيم يتمتع بخصائص تساعد على التخفيف من ارتفاع ضغط الدم ومن تشكيل الجلطات الدموية، ما يخفف بدوره من خطر الإصابة بمرض القلب. وأفضل طريقة لطبخ الثوم هى تحميص الفصوص فى الفرن لمدة 3 دقائق على درجة حرارة أقصاها 190 درجة. ويقول البحاثة فى “جامعة كوبو” الأرجنتينية : إن طبخ الثوم بهذه الطريقة يساعد فى الحفاظ على كامل خصائص الثوم المذكورة تقريبا، مع التقليل من رائحة الثوم النيئ التى تزعج الكثيرين لكنهم يصرون على ضرورة إخراج الثوم من الفرن بعد مرور 3 دقائق على طبخه وذلك لأن الثوم يفقد 80 فى المئة من خصائصه المضادة لتخثر الدم إذا خبزناه لمدة 6 دقائق، ويفقدها بنسبة 100 فى المئة إذا تركناه فى الفرن لمدة 10 دقائق. ويحذر “سايمون” من طبخ الثوم داخل فرن المايكرويف لأن ذلك يقضى على خصائص الـ “أليناز” ومن المفيد هرس أو تقطيع فصوص الثوم قبل طبخها فذلك يساعد على إطلاق المزيد من الـ “أليناز” خاصة أثناء عملية الطبخ.
4- الخضار التى تؤكل جذورها، يستحسن شيها من دون تقشير
خضار الشتاء مثل اللفت والبطاطا والجزر الأبيض، غنية بالألياف الغذائية والفيتامينات ولكن العديد منها لا يمكن أكله نيئا. والطريقة المثلى لطبخها هى شيها بقشورها للحفاظ على عناصرها المغذية كافة ويقول “كريغر” إن من يفضل السلق عليه أيضا أن يسلق هذه الخضار من دون تقشيرها ويمكن إزالة القشور عنها بعد أن تبرد إذا كان لابد من ذلك، ومن المهم سلق هذه الخضار كاملة من دون تقطيع كلما أمكن وذلك للحفاظ على العناصر المغذية القابلة للذوبان فى الماء، التى تفقدها إذا كانت الخضار مقطعة داخل الماء. وتجدر الإشارة هنا إلى أن أنواع الخضار ذات اللب أو القشور الدكناء (مثل البطاطا الحلوة) تكون أغنى بالـ “بوليفينولز” المضادة للسرطان، من أنواعها ذات الألوان الفاتحة (البطاطا العادية).
5- الكرنب أو الملفوف الأخضر ذو الرؤوس الصغيرة ، طبخه على البخار أو تقليبه بسرعة على النار
يحتوى الكرنب على الـ “سولفورافان”وهى مادة كيميائية نباتية فاعلة تساعد على الوقاية من سرطان الثدى، والأفضل طبخ الكرنب إما على البخار أو عن طريق التقليب على النار بسرعة كبيرة للحفاظ على أكبر قدر من المواد التى تكافح السرطان. فقد أظهرت الأبحاث أن عملية السلق فى الماء تؤدى إلى رشح هذه المواد فى الماء وفقدانها، ويمكن تسريع عملية طبخ الجزء الداخلى من الكرنب وطرف ساقه القاسية عن طريق شطب قعره قليلا بالسكين.
6- الطماطم، يضاف إليها زيت الزيتون قبل شيها
الطماطم غنية بالـ “ليكوبين” واحد من الـ “كاروتينويدز” الذى يمنح الطماطم لونها الأحمر، وهو مضاد قوى للأكسدة يساعد على التخفيف من خطر الإصابة ببعض أشكال السرطان وبمرض القلب أيضا، فعملية الشي تساعد على تحطيم جدران الخلايا مما يساعد على إطلاق المزيد من الـ “ليكوبين”. وكانت دراسة ألمانية حديثة قد نشرت نتائجها مجلة “التغذية” البريطانية، قد أظهرت أن دماء 77 فى المئة من أصل 198 شخصا، يتبعون نظاما غذائيا يقتصر على تناول الأطعمة النيئة تحتوى على نسبة من الـ “ليكوبين” تقل عن تلك التى يعتبرها الخبراء جيدة، وللحصول على المزيد من الفوائد الصحية، يمكن إضافة القليل من زيت الزيتون إلى الطماطم قبل وضعها فى الفرن حتى تتشقق قشورها. فالـ “ليكوبين” يذوب فى الدهون أى أن إضافة زيت الزيتون إلى الطماطم، تسهل عملية امتصاص الجسم لمضاد الأكسدة المفيد هذا.
7- الهليون، يحضر على البخار
يحتوى مقدار من الهليون على 20 فى المئة من كمية حمض الفوليك، التى يوصى الخبراء بتناولها يوميا، وحمض الفوليك أو فيتامين (B9) واحد من مجموعة فيتامينات (B) التى تساعد على صحة القلب والجهاز العصبى. وكانت الأبحاث الحديثة قد ربطت بين النظام الغذائى الغنى بحمض الفوليك وتراجع خطر الإصابة بمرض “الزهايمر”، السكتة الدماغية، ومرض القلب. وبما أن حمض الفوليك قابل للذوبان فى الماء ويتأثر بالحرارة فإن الطبخ يمكن أن يخفف من مستوياته فى الأطعمة، لذلك يستحسن تحضير الهليوم عن طريق تعريضه بلطف للبخار، مع الحرص على وضع أطرافه الدقيقة التى تحتوى على أكبر قدر من الفيتامينات بعيدا عن الماء، أى يجب وضعه بشكل عمودى فى جهاز أو حلة الطبخ على البخار، أما الهليوم النيئ فيجب حفظه فى مكان مظلم داخل درج الخضار فى الثلاجة لأن الفولات سريع التأثر بالضوء والحرارة.
8- الشمندر، يطبخ بلطف على البخار
يتميز الشمندر بمستويات عالية من الـ “بيتانين” وهى مادة صبغية نباتية طبيعية ومضادة للأكسدة، أظهرت العديد من الدراسات أنها تسهم فى الوقاية من أضرار الجزيئات الحرة، كما يمكن أن تساعد على كبح نمو خلايا الأورام فى : المعدة، القولون، الرئتين، والجهاز العصبى. وتنصح “جونسون” بتعريض الشمندر للبخار بلطف وقتا قصيرا لكى نحافظ على أكبر قدر من عناصره المقاومة للسرطان، والـ”بيتانين” شديد التأثر بالحرارة لذلك فإن طرق الطبخ القوية مثل السلق أو الشي قد تقضى على فوائده. ويستحسن تقشير الشمندر وتقطيعه قبل تعريضه للبخار، للمساعدة على إطلاق الـ “بيتانين” من جدران الخلايا القاسية والسماح بطبخه بشكل أسرع.
9- البصل، يخبز لمدة 5 دقائق داخل ورق الألومنيوم
يعتبر البصل واحد من أبرز مصادر الـ “كويرستين” وهو واحد من الـ “فلافونويدات” التى تتمتع بخصائص مضادة للالتهابات. وهو يمكن أن يساعد أيضا من التخفيف من عوارض الحساسية والربو كما يساعد على الوقاية من مرض “الزهايمر” و “الباركنسون”. وجاء فى دراسة أمريكية أجرتها المؤسسة الوطنية لأبحاث التغذية فى عام 2008، أن الطريقة الفضلى لطبخ البصل هى لف قطعة كبيرة منه بورق الألومنيوم ووضعها فى الفرن على حرارة 190 درجة مئوية لمدة 5 دقائق، ويمكن لطريقة الطبخ هذه أن تحافظ على 99 فى المئة من الـ “كويرستين” داخل البصل، مع التخفيف من رائحته القوية وطعمه اللاذع، وعند اختيار البصل يستحسن شراء النوع الأحمر أو الأصفر عوضا عن النوع الأبيض فهما يحتويان على قدر أكبر من الـ “فلافونويدات” وكقاعدة عامة علينا أن نتذكر دائما أنه كلما كان لون الخضار داكنا ارتفعت نسبة مضادات الأكسدة الموجودة فيها.
إضافة إلى طريقة الطبخ يمكننا تعزيز فوائد أطعمة معينة عن طريق تناولها مع أطعمة أخرى، وتقول المتخصصة الأمريكية “تارا جيديس”: إن مجرد إضافة نوع من الأطعمة إلى آخر يعطى نتائج غير متوقعة فيما يتعلق بمجمل العناصر المغذية التى نحصل عليها، ويمنحنا المزيد من الفوائد الصحية. مثال على ذلك :
- الشاى الأخضر، عصير الحامض:
أفادت دراسة أجريت فى جامعة “برودو” الأمريكية أن إضافة عصير الحامض إلى الشاى الأخضر الغنى أصلا بمضادات الأكسدة يضاعف أربع مرات نسبة الـ “كاتشينز” المتوافرة فى الشاى، المعروفة بقدرتها على مكافحة الأمراض خاصة السرطان. أما عصير البرتقال أو الجريب فروت فقد تبين أنه جيد جدا ولكنه أقل فاعلية من عصير الحامض.
- ثمار العنبية أو التوت الأزرق + اللبن:
أظهر البحاثة فى السويد أن إضافة هذه الفاكهة التى تعتبر واحدة من أكثر الفواكهة الغنية بمضادات الأكسدة إلى اللبن يزيد من قدرة هذا الأخير على مكافحة الالتهابات فى الجهاز الهضمى، فالألياف الموجودة فى العنبية تساعد الجراثيم الحميدة فى اللبن الـ “بروبايوتيكس” على البقاء حية فى مشوارها داخل الجهاز الهضمى حتى وصولها إلى الأمعاء التى تعمل على تعزيز صحتها، وفى الوقت نفسه تساعد الـ “بروبايوتيكس” على تعزيز قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية الموجودة فى العنبية.
- الخضار + الأرز البنى:
تبين فى الأبحاث التى أجراها العلماء فى كلية الصحة العامة فى “جامعة هارفورد” الأمريكية، أن إمكانية الإصابة بالسكرى تنخفض بنسبة 11 فى المئة لدى الأشخاص الذين يأكلون مقدار كوب أو أكثر من الأرز البنى فى الأسبوع، مقارنة بالذين يأكلون الأرز الأبيض أو غيره من النشويات. كذلك أظهر العلماء الإيطاليون أن النظام الغذائى الغنى بالخضار يخفف من ظاهرة مقاومة الجسم للأنسولين بنسب 25 فى المئة. وتعلق المتخصصة الأمريكية فى التغذية “سنثيا ساس” فتقول : إن مضادات الأكسدة الموجودة فى الحبوب الكاملة والخضار تقى الأضرار الخلوية التى يمكن أن تعوق قدرة الجسم على التعامل مع الأنسولين.